شبكة قدس الإخبارية

لاحقه عرفات ليقتله وقرّبه عباس ليخلفه.. من يكون حسين الشيخ؟ 

٢١٣

 

1-1677710

متابعة - شبكة قُدس: ما كان متوقعا أصبح واقعا، حسين الشيخ على بعد خطوة واحدة من رئاسة السلطة الفلسطينية، بعد مصادقة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير اليوم على الترشيح المقدم من محمود عباس بتعيين الشيخ نائبا لرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية. عباس كان قد رشح الشيخ في بناء على قرار اتخذه المجلس المركزي لمنظمة التحرير أول أمس، وهو الاجتماع الذي قاطعته القوى الوطنية الوازنة في المنظمة ومن بينها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. 

من هو حسين الشيخ؟

حسين شحادة محمد الشيخ من مواليد 14 ديسمبر 1960 في رام الله. في سن الثامنة عشرة، اعتقل لدى الاحتلال وتعلّم اللغة العبرية التي أهلته لاحقا ليصبح رمز التواصل الأمني مع جيش ومخابرات الاحتلال في إطار ما يعرف بالتنسيق الأمني.  بعد توقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993، أصبح عضواً مؤسساً في اللجان السياسية بالضفة الغربية وقطاع غزة. وفي عام 1994، عُين برتبة عقيد في جهاز الأمن الوقائي، وهو المنصب الذي شغله حتى عام 1997. كما كان عضواً في اللجنة العليا لحركة فتح في الضفة الغربية، ونائباً لرئيس اللجان السياسية في الضفة وغزة والقدس.

خلال الانتفاضة الثانية، اعتُبر الشيخ شخصية باهتة نسبياً مقارنة بمروان البرغوثي، وتصنف ضمن الجناح المعتدل إلى جانب محمود عباس. شهدت تلك الفترة توتراً بين الشيخ وعرفات، إذ أمر الأخير باعتقاله قبل  أن يتوارى الشيخ عن الأنظار. بعض التقارير أفادت أن عرفات خطط لاغتياله أيضا. لكن بعد وفاة عرفات، ومجيء عباس، تبدل حال الشيخ الذي أصبح من صناع القرار في السلطة.

في عام 2007، عُين الشيخ رئيساً للهيئة العامة للشؤون المدنية بمرتبة وزير، ورئيساً للجنة التنسيق المدنية العليا (CAC)، ليصبح بموجب ذلك حلقة الوصل المركزية مع الاحتلال، عبر التنسيق مع "منسق أعمال حكومة الاحتلال في المناطق" والإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال والشاباك ووزارات أخرى لدى الاحتلال. 

بحكم منصبه في الشؤون المدنية، كان الشيخ يتحكم بتحويل أموال المقاصة التي يجيبها الاحتلال ويحولها إلى السلطة الفلسطينية، وإصدار تصاريح الدخول إلى الداخل المحتل، وتوزيع بطاقات (VIP) لكبار المسؤولين الفلسطينيين، وكذلك تصاريح التجارة (BMC) لرجال الأعمال، ما أكسبه نفوذاً سياسياً واسعاً. في يوليو 2022، أثارت ممارسات منح التصاريح انتقادات داخلية وسط اتهامات لمكتب الشيخ بالبيروقراطية والفساد والتقصير. يُعد حسين الشيخ من بين أثرى الشخصيات في السلطة الفلسطينية، حيث راكم ثروته من ملكية عدة محاجر فلسطينية، إضافة إلى محطات وقود ومتاجر كبرى. ويمتلك فيلا فاخرة في مدينة أريحا. 

بعد حرب غزة عام 2014، عُين الشيخ ممثلاً للسلطة الفلسطينية في اللجنة الثلاثية لإعادة إعمار غزة، إلى جانب ممثلين عن الاحتلال ومصر، وعمل بموجب ذلك كحلقة الاتصال الرئيسية ضمن آلية إعادة إعمار غزة (GRM). بين عامي 2015 و2016، أدار الشيخ الاجتماعات مع وزير مالية الاحتلال  موشيه كحلون ومنسق أعمال حكومة الاحتلال يوآف مردخاي. في سبتمبر 2016، رافق الشيخ الرئيس محمود عباس خلال زيارته لحضور جنازة رئيس الاحتلال الإسرائيلي الأسبق شمعون بيريس.

الشيخ والصعود داخل فتح والمنظمة 

في عام 2008، وخلال انعقاد المؤتمر السادس لحركة فتح، انتُخب حسين الشيخ للمرة الأولى عضوًا في اللجنة المركزية للحركة. وفي عام 2016، جرى انتخابه مجددًا خلال المؤتمر السابع.

عقب وفاة صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بسبب إصابته بفيروس كورونا، دفع رئيس السلطة الفلسطينية بحسين الشيخ ليكون خليفته المؤقت، قبل أن يقدمه لاحقًا كمرشح رسمي لحركة فتح. ومع تقدّم عباس في العمر وتدهور حالته الصحية، نقل بعض صلاحياته إلى الشيخ، الذي بدأ يمثله في لقاءاته مع قناصل أجانب ومسؤولين أمريكيين، من بينهم هادي عمرو. وقد شهدت هذه اللقاءات، لأول مرة منذ ثلاث سنوات، إعادة التواصل العلني والرسمي بين السلطة الفلسطينية والإدارة الأمريكية.

في أكتوبر 2022، أجرى حسين الشيخ زيارة رسمية إلى واشنطن، التقى خلالها مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان ونائبة وزيرة الخارجية ويندي شيرمان. حُظيت هذه الزيارة بأهمية كبيرة كونها الأولى لمسؤول فلسطيني رفيع إلى الولايات المتحدة منذ خمس سنوات، وجاءت بهدف نيل الشرعية والدعم من إدارة واشنطن كخليفة محتمل لعباس. وفي تحركات موازية، رافق عباس في زيارات رفيعة المستوى رؤساء وشخصيات بارزة مثل رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني عبد الله الثاني، في مسعى لترسيخ الشرعية لدى الحلفاء العرب والدوليين.

إلا أن تعيينه أثار استياءً بين عدد من كبار قادة فتح، الذين يعتبرون أنفسهم مرشحين طبيعيين لخلافة عباس، مثل جبريل الرجوب، الرئيس السابق لجهاز الأمن الوقائي في الضفة الغربية، ومحمود العالول، نائب رئيس حركة فتح وأحد مؤسسيها، وتوفيق الطيراوي، الرئيس السابق لجهاز المخابرات العامة. بالمقابل، يحظى حسين الشيخ بدعم ماجد فرج، رئيس جهاز المخابرات العامة، الذي يُعد أحد أبرز المقربين منه. ووفقا لعدة تقارير، يقود كل من الشيخ وفرج مع الرئيس عباس جهودًا حثيثة لمنع الإفراج عن الأسير مروان البرغوثي من سجون الاحتلال الإسرائيلي.

شبهات بارتكاب جرائم جنسية وفساد

 في 13 فبراير/شباط 2022، نشرت وسائل إعلام تقارير حول اتهامات موجهة إلى الشيخ تتعلق بممارسات فساد وتحرشات جنسية. ووفق التقرير، وُجهت إلى الشيخ شبهات بإخفاء مئات الملايين من الدولارات من أموال إعادة إعمار قطاع غزة، بالإضافة إلى تحقيق مكتبه أرباحًا تُقدّر بنحو 2500 شيكل عن كل تصريح دخول إلى الداخل المحتل. 

وخلال فترة توليه مناصبه، ظهرت شبهات تتعلق بارتكابه اعتداءات جنسية. وتشير المعلومات إلى أن الشيخ حاول دفع أموال "لشراء الصمت" من زوج إحدى الضحايا، وهو ضابط في أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، إلا أن الضابط لجأ إلى تقديم شكوى مباشرة إلى محمود عباس، الذي بدوره قدّم دعمه الكامل للشيخ. وقد أثار نشر القضية تفاعلات واسعة في الشارع الفلسطيني، وألحق ضررًا بصورته العامة.

 بصفته وزيرًا للشؤون المدنية ثم رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية، يتمتع حسين الشيخ بعلاقات وثيقة مع أذرع أمن الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما منحه نفوذًا كبيرًا، لا سيما في ظل اعتماد السلطة الفلسطينية على التعامل مع أجهزة الاحتلال مثل "منسق أعمال الحكومة في المناطق" و"الإدارة المدنية". إلا أن التقارب مع الاحتلال يُنظر إليه بشكل سلبي في الشارع الفلسطيني، فيما يبرر الشيخ لقاءاته مع المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين بأنها جزء من "التفاوض مع العدو"، كما صرّح.